كان أليكساندر فارسٌ نبيلٌ من أصولٍ ملكيةٍ عريقةٍ ولكنه كان عصاميُّ البناء، رفض أن يتوَّلى قيادة الفرسان منذ أن انضمَّ إلى صفُوف الفُرسان المُقاتلين، وفضَّل الانضمام إلى سلاح الفرسان الخَفيف، فقد تشبَّع فكرهِ بالمعتقداتِ التى سادت فترة حُكم الملك سُولون،
كان الملك سُولون رجلُ دولةٍ من الطرازِ الأول كما وكان أحد الحكماء السبعة المعروفين في اليونان، كان سُولون عاشقًا للكتابةِ ونَظم الشِعر وكذلك هو أول من ظَهر في عهدهِ كتابة السير الذاتية، ومن مُنطلق عشقهِ للشعر لطالما أسَّسَ أوتادَ مملكتهِ على المساواة كمحاولة لقمعِ سيطرة طبقة الأرستقراطيين والأغنياء حتى أنَّه كان يُؤمن بالتحرير من العبُودية، إنسانًا وشاعرًا تحت رداء المُلك فطغت مظاهِر آدميته وطالت الفئاتَ الفقيرة من شعبهِ في عهده،
وكذلك كان أليكسَاندر مُتشبعًا بحبه للبسطاء مدافعًا عن حُقُوقِهِم لا يشُوب قلبهِ كبرًا أو غطرسةً كالتِي كانت معهودةً في طبقة الأغنياء،كان بداخل قلبهِ فيضًا من حبٍ وحنان ..،
ولذلك لم تَستهويهِ أبدًا فتياتُ العائلات الملكية اللاتي أفسدهُن دلالِ أُسَرِهم ويظنُون أنفُسَهُنَّ الفُضليات عن باقى البشر وأنهم أحقُّ بالحياةِ المرفهة وأن باقى فئات البشر لا يليقُ بِهم سوى أن يكُونوا عبيدًا لهم أو خُدامٍ مأجورين .. ،
ولكن جاءت كاثرين لتُضفِي إلى عالمه فكرًا جديدًا،٢
جاءت بملامِحها الرقيقة وبشرتها الناصعةَ البياض لتُنير ظلامِ الحياة في قلب أليكسَاندر وتجعل من قلبهِ وروحهِ بستان من مختلفِ أنواع الزُهور،
كانت كاثرين متوسطة الطُول والبِنية وكانت دائمًا ما تنتقِي ألوان ثيابِها بدقةٍ شديدةٍ بحسب ألوانِ الزهُور والورُود المُتفتحةُ في الغابةِ آنذاك ،
فإن كان الربيع يكون ردائَها بألوانٍ زاهيةٍ ولا سيما الأبيض والقرمزي وأما إذا حلَّ الخرِيف فتراهَا ترتدِي ألوانًا داكنة، كالبُني والأسوَد وكأنها تُحدِّثُ النباتاتَ حولها وتبعث لهم برسالةٍ حزينة، حُزنًا على سقُوط وذبُول أوراقِهم،
كانت تقطَع مسافةً طويلة بالعربة التي يقودها "أناتولي" السائق الخاص بالسيد/أندريه والدها، ومعها خادمتها تايالا بعطلة نهاية كل أسبوع، تقطَع مسافة ما يقرُب الساعة والنصف حتى تصل للغابةِ الخضراء عند سفح الجبل وتصل منها إلى شلالات المياه، فتراها تلعب وتضحك مع تيالا في بهجةٍ وفرحٍ وكأنها طيرًا حبيس القفص وقد فُتح له الباب على مصراعيهِ للهَرب،
ثم لا تلبث وأن تفِيق على صوت ,"أناتولي" مخاطبا تايالا قائلا: تايالا، هل انتهيتِ من جمع الورود؟ يجب علينا التحرك لنصل أثينا قبل غروب الشمس،٣
لقراءة الجزء الأول
لقراءة الجزء الثالث