يُصبِحَ المَرءُ أكثَرَ رَزَانَةٍ في مَرحَلِةِ النُّضْجِ مِن حَياتهِ وأكْثَرَ وُضُوحًا وتَمْييِزًا لِما هوَ مَطلُوبْ ومَا هو مَتروك لمُبَادراتِ الآخَرين من حوْلِهِ ...
يُصبِحُ أكثَرَ وَعيًا باحْتِيَاجَاتِه ورَغَبَاتِه وما يُريِحُ نَفسِهِ ومَا يُسعِدُ قَلبَهُ ....
فَيَكُفَّ عَن طَلَبِ كُلَّ ما هو مُشبعٍ للنَفسِ ومتنفسٍ للرُوحِ .. ويُفَضِلُ أن يأتِيهِ هُوَ على حِين غَفلةٍ منهُ ...
فَيَطِيرُ فَرِحًا سَعِدًا لِما لاقاهُ وأثْرَى هواهُ ورَغَبَاتهِ..
وتراهُ لا يكونُ لَحُوحًا أو مُنبِهًا عَلى أخطاءٍ هِىَ مِن بَدِيهيَّاتِ الفِطرَةَ السَّلِيمةَ ومِن الأُسسِ المُتَفَقِ عَليها لِمراعاةِ الحُدودِ ومَشاعِر الآخَرين....
فَتَجِدَه إنْ وَجد مَا يُبهِج قَلبَه أنْتَشَى وفَرِحَ...
وإن لَم يَجِدَهُ صَمَتَ وتَغافَلَ ...
وإن وَجد ما يُزعِجَهُ فلا ضَجَرَ ولا حَزَنْ....
فلَسنَا صِغَارًا وكُلِّ مِنَّا حَتَّى من لا يَملُك الحاسَّةَ السادِسَة فهوَ يَرَى بِعَينِ قَلبِهِ الاخْتِلافات والتَّغيْرات فى الآخَر ....،
لَكِن في العلاقاتِ الإنسانِية هناكَ صِنْفَانِ مِن البَشَر :-
مِنهُم من يُولِي هذهِ التغيرات الاهتمامُ...
ومِنْهُم من لا يَكتَرِثُ بِها عَن عَمَدٍ لأسبابِهِ الخاصَّه أو بِلا سَبب...
فيكونُ الاكتفاءُ بِتَركِ الأمرَ مَرهُونًا مُعلقًا حتَّى يَسْتَشْعِره الآخَر مِن تِلْقَاءِ نَفسِهِ هوَ الحلُّ الأمْثَل....
وبِخلافِ ذَلِكَ فهوَ امتِهانٍ لِنَفسِكَ...
ولَيسَ في عَدَمِ الحَديثِ عَنهَا آنذَاكٍ هوَ فُقدَانًا لِلأَمَلِ أو تَعَالِيًا لحفظ ماءِ الوجهِ ...فهناك احتمالٌ آخر....
أنَّ من نَرغب بعِتابِهِ هُوَ أَعلى مَكانتًا ولَهُ غَلاوَةٌ تَفُوقُ أن نَضَعَهُ في زاويةٍ ضيقةٍ أمَامَنا إذَا مَا تَمَّ تَوْضِيحُ ما حَدَثْ ومُنَاقَشَتِهِ في كَيفَمَا حَدَث......
أمَّا النَّوعِ الثاني:-
فيما يُعرَف "بعلاقاتِ الروحِ والقَدَرْ "
تَجِدُ مَن ارتَبطَت رَوحِهِ بِرَوْحِنا صديقًا كانَ أو أخًا أو حبيبًا.....تَراهُ هُوَ وَهُوَ فَقَطْ مَن يَسْتَشْعِرَ مَا بِنَا مِن
تَغَيُّرٍ وحَزَن .... ويُدرِكَ سوءَ الفَّهمِ والخَلل ويُبَادِرُ في انتِشالِنا من أَسيِّ وَهَنْ....
وعلى طولِ العشرةِ وطولِ الزَمَنْ.. لا نَجدُ داعيًا لكثرَةِ هَذِهِ التساؤلاتِ والفكْرِ المُنْشَغِلْ نَجِدُ البَوحَ هوَ أقصَرَ الطُّرق......
وتَجِدَهُ مُبادِرًاٍ مِثلُكَ لإصلاحِ أيَّ خلل...
فهنيئاٍ لِمَن أمتَعَهُ قَدَرِهِ بالنَّوعِ الثَّانِي ولُطفِ اللهِ لمنْ أُعْسِرَ في رِفقَةِ النَّوعِ الأوَّل
#تجليات_خواطر الروح