كَثيرٌ ما تَنتابُنا الحيرةَ بخصوصِ اختيارٍ محددٍ يَخُصُّ تغييرًا للوجهةِ في أمرٍ ما، أو يخص قَبولٍ أو رَفضٍ لأمرٍ ضروري.
مِنْ أصعب الخيارات الدنيوية عندما يكون الخَيارُ لا هو بالأبيضِ ولا بالأسودِ ولا بالرمادى..
هو توليفةٌ مشكلةٌ من مجموعةٍ مِنْ الألوانِ وَكلُّ تشكيلة لها عيوبها ومميزاتها التَّي تَجعَلُ للحَيرةُ باب..
ويظَّل تفكيرُ المرء عالقًا في دوائر مغلقةٌ لا تنتهي.. وينتهي الحالُ إلى اللُّجوءِ لاستخارةِ المولى عزَّ وجلَّ واللُّجوءِ للدعاء..
إلى هنا هو حُلو الكلام، كلامٌ جميلٌ إما استكمال الطريق مع أحد الاختياراتِ وإما الثَّبات..
وما هو أصعب من ذلك هو الترنُّحِ مع الاستخارةِ والدعاء،
بمعنى أن تجد أن التَّفكير يَميلُ بِشِّدةٍ لأَمرٍ بعينهِ بعد الأخذِ بالأسبابِ وسؤالِ أهلَ الخبره، ولكن عِند البِدءِ في التَّنفيذِ والعَزمِ على إتمامِ الاختيارُ الأوَّلِ تُقلبَ الدَّفةُ بِفعُلُ المَقادِيرُ أو يَصعبُ الاختيار إمَّا بسبب تأثُّرٍ بالمحيطين أو خوف دبَّ في القَلبِ بِلا تَفسير، فَتظُنُّ حينها أن الخَيارَ الثَّانِي هو الصحيح، ولكن عِنْدَ البدءِ في إتمامِ الخَيارَ الثَّاني تُقلَبُ الدَّفَةُ مرةً أُخرى لذاتِ الخَيارِ الأول في صَدمةٍ وذُهول...
وكَثيرٌ مِنَّا يُصادِف أمورًا قدريةٌ تَجعَلَ البقاءُ دون اختيارٍ أو دونَ تغييرٍ أَمرٌ حتمِيٌ لا بَديل، فيظن وقتها أنه تأخَّر في حَسمِ أَمرِهِ فباتَ ما غُصِبَ عَليه بالقَدَرِ هو المَسلكُ الوَحِيد..
كثيرٌ منا يقعُوا في هَذه الحيرةِ ، ومنهم من يُسرِعَ إليَّ، إذن ما هو التفسير؟؟
استخرنَا وَدعوْنَا والمُحصَّلَةُ لا جديد..
لكن بظَنَّي المُتواضَع أنَّه لا آن الأوانَ في سلكِ الدَّربِ الأول ولا الثانى..
ولرُبَّما كانَ البقاءُ في هذهِ الحِيرةَ والمتاهةُ لهو عينُ الخَيرَ ولهُ عَظيمَ الفضلِ في إدراكِ مَعاني وفَضَائِل كَثيرةٍ واختبارٍ وامتحانٍ لقدرةِ العبدَ على التحمُّلِ والصبرِ "فهى عبادة انتظار الفرج" وعدم التسرع والتهور بُحجَّةِ أنني لست ممن يرسل لهم القدر إشاراتٍ للتنوير..
وَلرُبما كانتُ الخِيرةَ في إتمامِ مهامٍ أُخرى يَتِّمُ إنجازُها بعيداً عن القضيةَ مَحلُّ الحِيرةَ..
وقد تكونُ هذه المقوِّمَاتُ هي مَن سَيتضِّحُ بِسبَبِها بعد ذلك ما هُوَ الطريق..
وقد يكونُ هذا الأمرَ القدريُّ الذِّي عَطَّل الإختياراتَ وأبقاك مُّلزِمًا لإحْدَاهُما بالقَيْدِ وليسَ بالإختيارِ هو تَثبيتٌ مِنْ الله حتى يَحِينَ وقتَ التَّغيير..
وعلى سبيلِ المثال؛ فكثيرًا ما نَجدُ من يَنْتوِيَ أن يَترُكَ عَمَلهُ ثُمَّ يُفاجأ بأنَّ زوجَتَهُ حَامِلٌ أو أحد أولاده به مرضٌ طويل، فيكتشف أنَّه ليس الوَقت المُناسب للتغيير، حدث تعطيلٌ قدريُّ لأنه رُبَّما لو تَرَكَ العملَ لما وَجد البديلُ وأضاعَ وقته مُشتتًا بغير تغيير، ولكن برضائِهِ بقضاء الله يكون التسليم وعندما ينتهى الظرف القدري الذي أجل قراره، فسيجد إما صلاحٌ في عِمَلهِ الأول وإما أتت أمامه فرصة ذهبية للتغيير.
فالتسليم لأمر الله بعد الدعاء والاستخاره يُريحَك هنا من لَومِ نَفسِكَ على التَّأخِير ولوِم الزمانَ والدُّنيا على عدم إتاحَةِ الفُرصَ لي مِثلُ الكثيرين.
فَنصِيحَةٌ من القَلبِ إذا كُنتَ مُقدِّمٌ على أمرٍ تَجِدَ بهِ الحيرةَ والتشويش، الزم بابِ الله بالدُّعاءِ والاستخارةِ والصدقاتِ وحسنِ الظنِّ بمن بيده المشيئةَ بلا تذمٌرٍ، فلا رأىَ يَعلو ولا فَكرٌ يَربحَ فوقَ تصريفُ المقَاديرَ بإذنِ المولى .
""دواؤك فيك وما تشعـر وداؤك منك فلا تبصـر أتزعم أنك جرمٌ صغـير وفيك انطوى العالم الأكبر وأنت الكتاب المبين الذي بأحرفه يظهر المضــمر""
#تجليات_خواطر الروح